عرض مشاركة واحدة
قديم 07-23-2016, 10:36 AM
  #1
 الصورة الرمزية الفارس الأشرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
الدولة: مصر-القاهره
العمر: 36
المشاركات: 165,098
29 فى الغربه الجول بإثنين 2016 مقاله بقلم فاطمه ناعوت

فى الغربه الجول بإثنين
2016
مقاله بقلم فاطمه ناعوت

شىءٌ من كيمياء أجسادنا تتبدّل للأجمل حين نسمع النشيدَ الوطنى المصرى ونحن مسافرون. القلبُ يخفق أكثر، ونحن واقفون فى خشوع لنردّد مع الموسيقى: «مصرُ يا أمَّ البلاد...».


قرّر أصدقائى الأطباءُ المصريون العظماء بدولة الإمارات دعوتى لحضور مباراة كرة القدم بين فريقى «الأهلى» المصرى و«روما» الإيطالى باستاد الشيخ هزّاع بن زايد بمدينة «العين» وأنا لا أهوى كرة القدم، لأننى لا أفهمها كثيرًا، لكنها مصرُ، يالهول الكلمة: مصر! كنا بحاجّة ماسّة لشىء من الفرح بعد فاجعة الطائرة المصرية التى سقطت فى المتوسط، كنّا بحاجة لأن نقول: مصرُ تستحقُّ الحياة، لا الموت.


لماذا الجول فى أرض غير أرض الوطن باثنين؟ هذا قانون اللعبة، لأن الجمهور فى غير بلدك لا يشجع فريقَك فتخسر الدعم النفسى الذى تمنحه لك هتافات المشجعين. نعم صدقوا، لكنْ، ليس الجول فقط بجولين فى الغربة، إنما كذلك الحزنُ والفرحُ، باثنين.


حين تضربُ بلدَك نازلةٌ من نوازل الدهر وأنت مسافر؛ لا يضربُك حزنٌ، بل حزنان، حزن للكارثة التى حلّت بوطنك، وحزنٌ ثانٍ لأنك بعيدٌ ولا تقدر أن تمدّ يد العون لبلدك.


وحين يحرزُ وطنُك نصرًا وأنت مسافرٌ، لا يملأ قلبَك فرحٌ واحدٌ، بل فرحان. فرحٌ لانتصار بلادك، وفرحٌ آخر لشعورك بالحنين إلى ذلك الوطن الذى يحصد الأمجاد وينتظرُ أن تعود إليه كما يعود الطفلُ إلى أمّه بعد التيه.


هذا ما حدث لى هذا الأسبوع، فاجعةُ سقوط الطائرة ضربت قلبى مرتين، وفرحة انتصار مصر على إيطاليا فى المباراة أرجفت قلبى مرتين.


لحظة وقوفنا مع النشيد الوطنى الإماراتى، الدولة المُضيفة، كانت لحظة احترام لدولة محترمة صنعت معجزة حضارية وإنسانية مدهشة، أعقبها النشيد الوطنى الإيطالى، الدولة الضيفة على وطننا العربى، ثم جاء النشيد الوطنى المصرى لتبكى قلوبُنا حنينًا لمصر، وحزنًا على حالها، واحتياجًا للحظة فرح وسط سيول النوازل التى تضربها مع كل نهار جديد، غنّت قلوبُنا مع النغم، وصعدت نجوى آلاف الحاضرين فى مدرجات الاستاد من المصريين والإماراتيين وكافة الوفود العربية والإيطالية وغيرها، كلٌّ يحنُّ إلى وطنه، ويغنّى لأرضه ويبكى على ليلاه، لكن نظرة واحدة من شرفة المقصورة حيث أجلس إلى أضلاع الملعب الثلاثة المواجهة بمقاعدها التى اكتست باللون الأحمر، تؤكد أن المعظم الساحق من الجمهور جاء من أجل النادى الأهلى، بل من أجل مصر ذاتها.


وجاء الجول الأول، لمصر فى مرمى إيطاليا، وتعادلنا، أعقبه الثانى، وتعادلنا، ثم الثالث، وتعادلنا، ثم سقطت الكرةُ للمرة الرابعة فى شبكة إيطاليا، لتنتهى المباراة الوديّة وقد طبّقت هتافات: «تحيا مصر» آفاق إمارة «العين» الوادعة لتملأ سماءها صخبًا وفرحًا وتملأ قلوب المصريين والعرب بالثقة بأن مصرَ منذورةٌ للمجد، ولو تأخر برهةً عن موعده.


كنتُ أنقلُ أخبار المباراة الحيّة على صفحتى بفيس بوك لحظة بلحظة لكى أنثر شيئًا من الأمل فى قلوب قرّائى وأحبتى الذين يتابعون أخبارى عبر ما أكتب لهم من مقالات أو تغريدات وأنا هنا بإمارة أبو ظبى لارتباطى ببعض الأعمال الثقافية وتأليف بعض الكتب، وكانت فرحتى تنتقل مباشرة إليهم وكأنهم حضورٌ معى فى أرض الاستاد، بعد المبارة التفّ حولى بعض المصريين لالتقاط الصور التذكارية، وكانوا يسألوننى: «أنت أهلاوية يا أستاذة؟» وكنت أجيبُ: «أنا مصرية».


شكرًا لمنسقى المباراة بدولة الإمارات الراقية للوقوف دقيقة حدادًا على أرواح شهدائنا قبل المباراة. وألف شكر للمصريين الرائعين، الأطباء: سامح عزّازى، إيهاب رياض، أشرف أبوالعلاء، والمحامى سامى محروس، على هذه البهجة التى غمرتنى فى صحبتهم على شرف مصر، وشرف الأهلى، وشرف الأجوال الأربعة، وتحيا مصر.


اللهم وفقنا جميعاً إلى كل الخير
مستر أشرف فوده

الفارس الأشرف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس